ابن الحكم» ومذهب «أبى الحسين البصرى» كأنه لا يتمشى الا بالتزام هذا المذهب.
واحتج «هشام بن الحكم» على هذا المذهب بوجوه :
الأول : لو كان تعالى عالما فى الأزل بجميع الجزئيات التى توجد فى لا يزال ، لكان عالما بكل ما يصدر من الناس من أفعالهم ، وعالما بما لا يصدر عنهم. وكل ما علم الله تعالى وقوعه ، كان واجب الوقوع ، وكل ما علم الله تعالى وعدم وقوعه ، كان ممتنع الوقوع. فيلزم : أن يقال : جميع أفعال الخلق اما واجبة الوقوع أو ممتنعة الوقوع. ولو كان الأمر كذلك ، لم يكن لشيء من الحيوانات قدرة على الفعل.
لأن الّذي كان معلوم الله تعالى أنه يوجد ، يكون واجب الوقوع. والّذي علم أنه لا يصدر منه ، يكون ممتنع الوقوع. ولا قدرة البتة لا على ما يكون واجب الوقوع ، ولا على ما يكون ممتنع الوقوع. وهذا يقتضي أن لا يكون لله تعالى قدرة البتة ، وأن لا يكون لشيء من المخلوقات قدرة البتة ، وأن تكون التكاليف وبعثة الرسل كلها عبثا ضائعا ، وأن يكون الوعد والوعيد والثواب والعقاب كلها عبثا وجورا. وهذا يبطل القول بالربوبية.
لأن نفى القدرة عن الله تعالى يبطل القول بالربوبية ، ويبطل القول أيضا بالعبودية. لأن العبد اذا لم تكن له قدرة على العبودية ، كان الأمر والنهى عبثا ، واذا كان الأمر كذلك ، وجب أن يقال : انه تعالى كان عالما فى الأزل بذاته وبصفاته وبماهيات الأشياء وحقائقها وصفاتها ، وأما العلم بالأشخاص وأحوالها المتغيرة فذلك لا يحصل الا عند دخولها فى الوجود ، حتى تندفع هذه الاشكالات.