والآخر صفة ، أولى من انقلب والعكس. فيلزم كون كل واحد منهما موصوفا بالآخر وصفة له. وذلك محال. ولما كان القول بقيام الصفة بذاته يفضى الى هذا المحال ، وجب أن يكون قيام الصفة بذاته محالا.
الشبهة الرابعة : لو قامت الصفات القديمة بالذات القديمة ، لكانت الصفات والذات متشاركتين فى القدم. والقدم وصف ثبوتى ، لأنه عبارة عن نفى العدم السابق. ونفى النفى ثبوت. فاذن الذات والصفات تشتركان فى هذا الوصف الثبوتى المسمى بالقدم. فاما أن يتميز الذات عن الصفة باعتبار آخر ، أو لا يتميز. فان تميز. فما به المشاركة غير ما به المباينة ، فيكون كل واحد من الذات والصفات متركبا من هذين الاعتبارين ـ أعنى ما به يشتركان وما به يتباينان ـ ثم ان كل واحد من ذينك الاعتبارين لا بد أن يكون أيضا قديما ، لأنه جزء جزء القديم. واذا اشترك ذانك الجزءان فى القدم ، فلا بد وأن يتباينا باعتبار آخر ، وحينئذ يتركب كل واحد من ذينك الجزءين من جزءين آخرين. ويلزم التسلسل. وهو محال.
وأما ان قلنا : بأن الذات والصفات بعد اشتراكهما فى القدم ، لا يتميز كل واحد منهما عن الآخر بماهية مخصوصة ، فحينئذ تكون الذات والصفة مثلين. ولما كانت الذات إلها وجب أن تكون الصفة إلها ، فيكون هذا قولا بتعدد الآلهة.
وأيضا اذا كانت الذوات والصفات متماثلين ، لم يكن قيام أحدهما بالآخر أولى من قيام الآخر به ، فتكون الذات صفة ، والصفة ذاتا ، والعلم قدره والقدرة علما. وكل ذلك محال. ولما كان القول باثبات الصفة القديمة مفضيا الى هذا المحال ، وجب أن يكون القول به محال.
الشبهة الخامسة : لو كان الله تعالى عالما بالعلم ، قادرا بالقدرة ، لكان علمه وقدرته وحياته وذاته موجودات متغايرة ، فيكون هذا قولا بقدماء متغايرة. وذلك كفر باجماع المسلمين.