الشبهة السادسة : ان الله تعالى قد كفر النصارى ، فى قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا : إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) فلا يخلو اما أن يقال : انه تعالى كفرهم ، ثنهم أثبتوا ذواتا ثلاثة قديمة قائمة بأنفسها ، أو لأنهم أثبتوا ذاتا (٣) موصوفة بصفات متباينة.
والأول باطل. لأن النصارى لا يثبتون ذوات ثلاثة قديمة قائمة بأنفسها. ولما لم يقولوا بذلك ، استحال أن يكفرهم الله بسبب ذلك. ولما بطل القسم الأول ، ثبت القسم الثانى. وهو أنه تعالى انما كفرهم لأنهم أثبتوا ذوات موصوفة بصفات متباينة. ولما كفر النصارى لأجل أنهم أثبتوا صفات ثلاثة ، فمن أثبت الذات مع الصفات الثمانية ، فقد أثبت تسعة أشياء. وكان كفره أعظم من كفر النصارى بثلاث مرات.
هذا مجموع شبه المعتزلة فى نفى مطلق الصفات.
* * *
أما شبههم فى نفى صفة (٤) العلم خاصة. فمن وجوه :
* * *
الشبهة الأولى : لو كان عالما بالعلم ، لكان علمه (٥) اذا تعلق بشيء يكون ذلك الشيء متعلق علمنا. ومتعلق علم الله تعالى : من وجه واحد ، ومن طريقة واحدة. وكل علمين كذلك ، فهما مثلان : فيلزم أن يكون علم الله وعلمنا مثلين. فيلزم من حدوث علمنا حدوث علم الله تعالى ، ومن قدم علم الله تعالى ، قدم علمنا. ولما بطل الوجهان ، علمنا : أنه تعالى عالم لا بالعلم.
لا يقال : هذا لازم على نفاة الصفات فى العالمية. لأنا نقول : احترزنا عن هذا بقولنا : ان العلمين يتعلقان بمعلوم واحد على وجه
__________________
(٣) ذواتا : ا
(٤) مطلق : ا
(٥) علمنا : ب