واحد على طريقة واحدة. وهذا غير لازم فى كونه تعالى عالما. لأن علمه تعالى يتعلق بذلك المعلوم تعلق العالمية (٦) لا تعلق العلوم. وعلمنا لا يتعلق به تعلق العالمية بل تعلق العلوم. فقد اختلفت الطريقة. أما اذا كان تعالى عالما بالعلم ، تعلق علمه بذلك المعلوم ، وتعلق علمنا أيضا تعلق المعلوم ، فكان تعلق كل واحد منهما به على طريقة واحدة ، فيلزم التماثل. فظهر الفرق.
الشبهة الثانية : لا شك أنه تعالى عالم بالمعلومات التى لا نهاية لها. فاما أن يعلم كل تلك المعلومات بعلم واحد ، أو بعلوم متناهية ، أو بعلوم غير متناهية؟ والكل باطل. فبطل القول بكونه تعالى عالما بالعلم انما قلنا : انه لا يجوز أن يعلم الكل بعلم واحد : من وجوه :
الأول : انه يصح أن يعلم كونه عالما بأحد المعلومين ، مع الشك فى كونه تعالى عالما بالمعلوم الآخر. والمعلوم غير ما هو غير معلوم.
الثانى : ان العلم المتعلق بالسواد ، مخالف للعلم المتعلق بالبياض فى الشاهد ، فلو جاز تعلق العلم الواحد فى الغائب بالمعلومات الكثيرة ، لكان ذلك العلم قائما مقام العلوم المختلفة فى الشاهد ، واذا جاز كون الشيء الواحد قائما مقام الأشياء المختلفة ، فلم لا يجوز قيام الصفة الواحدة مقام الصفات المختلفة ، حتى تثبت لله تعالى صفة واحدة تكون علما وقدرة وحياة؟ بل لم لا يجوز أن تكون ذاته قائمة مقام الذات ، ومقام جملة الصفات. وحينئذ يلزمكم نفى الصفات؟
الثالث : انه لو جاز تعلق العلم الواحد بالمعلومين ، لم يكن تعلقه بمعلومين أولى من تعلقه بثلاثة أو أربعة ، فيفضى ذلك الى تعلقه بمعلومات لا نهاية لها فى الشاهد. وكل ذلك محال.
__________________
(٦) العالمين : الأصل