وقد روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم مثله ، والمراد بالروم هاهنا هم الروم الأول وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن ليطي بن يونان بن يافث بن نوح عليهالسلام ثم روي من حديث إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال : ولد نوح عليهالسلام ثلاثة : سام ويافث وحام ، وولد كل واحد من هؤلاء الثلاثة فولد سام العرب وفارس والروم ، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج ، وولد حام القبط والسودان والبربر ، وروي عن وهب بن منبه نحو هذا والله أعلم. وقوله تبارك وتعالى : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) قال ابن عباس رضي الله عنهما يذكر بخير (١) ، وقال مجاهد يعني لسان صدق للأنبياء كلهم ، وقال قتادة والسدي أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين. وقال الضحاك السلام والثناء الحسن (٢).
وقوله تعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) مفسر لما أبقى عليه الذكر الجميل والثناء الحسن أنه يسلم عليه في جميع الطوائف والأمم (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي هكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله تعالى ونجعل له لسان صدق يذكر به بعده بحسب مرتبته في ذلك ثم قال تعالى : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) أي المصدقين الموحدين الموقنين (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) أي أهلكناهم فلم تبق منهم عين تطرف ولا ذكر لهم ولا عين ولا أثر ، ولا يعرفون إلا بهذه الصفة القبيحة.
(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٨٧)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) يقول من أهل دينه ، وقال مجاهد على منهاجه وسنته (٣).
(إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني شهادة أن لا إله إلا الله. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن عوف قلت لمحمد بن سيرين ما القلب السليم؟ قال يعلم أن الله حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وقال الحسن : سليم من الشرك وقال عروة لا يكون لعانا.
وقوله تعالى : (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ) أنكر عليهم عبادة الأصنام والأنداد ولهذا قال عزوجل (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) قال قتادة يعني ما ظنكم أنه فاعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم معه غيره.
__________________
(١) تفسير الطبري ١٠ / ٤٩٨.
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٤٩٨.
(٣) تفسير الطبري ١٠ / ٤٩٩.