أخيه» (١) وفي الصحيح أيضا «إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك آمين ولك مثله» (٢) والأحاديث في هذا كثيرة ، وفي الصحيح «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» (٣) وفي الصحيح أيضا «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وشبك بين أصابعه صلىاللهعليهوسلم (٤).
وقال أحمد (٥) : حدثنا أحمد بن الحجاج ، حدثنا عبد الله ، أخبرنا مصعب بن ثابت حدثني أبو حازم قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه يحدث عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس» تفرد به أحمد ولا بأس بإسناده ، وقوله تعالى : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) يعني الفئتين المقتتلتين (وَاتَّقُوا اللهَ) أي في جميع أموركم (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وهذا تحقيق منه تعالى للرحمة لمن اتقاه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (١١)
ينهى تعالى عن السخرية بالناس وهو احتقارهم والاستهزاء بهم ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الكبر بطر الحق وغمص الناس ـ ويروى ـ وغمط الناس» (٦) والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم ، وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدرا عند الله تعالى ، وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له ، ولهذا قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ، وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ) فنص على نهي الرجال ، وعطف نهي النساء. وقوله تبارك وتعالى : (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) أي لا تلمزوا الناس. والهماز اللماز من الرجال مذموم ملعون كما قال تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)
__________________
(١) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٣٧ ، ٣٨ ، وأبو داود في الأدب باب ٦٠ ، والترمذي في الحدود باب ٣ ، وابن ماجة في المقدمة باب ١٧ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٥٢ ، ٢٩٦ ، ٥٠٠ ، ٥١٤.
(٢) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٨٧ ، وأبو داود في الوتر باب ٢٩.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب باب ٢٧ ، ومسلم في البر حديث ٦٦ ، وأحمد في المسند ٤ / ٢٧٠.
(٤) أخرجه البخاري في الصلاة باب ٨٨ ، والمظالم باب ٥ ، ومسلم في البر حديث ٦٥ ، والترمذي في البر باب ١٨ ، والنسائي في الزكاة باب ٦٧ ، وأحمد في المسند ٤ / ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٩.
(٥) المسند ٥ / ٣٤٠.
(٦) أخرجه بلفظ «غمط» مسلم في الإيمان حديث ١٤٧ ، وأبو داود في اللباس باب ٢٦ ، وأحمد في المسند ١ / ٣٨٥ ، ٣٢٧ ، وأخرجه بلفظ «غمص» ، الترمذي في البر باب ٦١ ، وأحمد في المسند ٤ / ١٣٤ ، ١٥١.