سورة محمد
وهي مدنية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) (٣)
يقول تعالى : (الَّذِينَ كَفَرُوا) أي بآيات الله (وَصَدُّوا) غيرهم (عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) أي أبطلها وأذهبها ولم يجعل لها ثوابا ولا جزاء كقوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) [الفرقان : ٢٣] ثم قال جل وعلا : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي آمنت قلوبهم وسرائرهم وانقادت لشرع الله جوارحهم وبواطنهم وظواهرهم (وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ) عطف خاص على عام وهو دليل على أنه شرط في صحة الإيمان بعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه. وقوله وتبارك تعالى : (وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) جملة معترضة حسنة ولهذا قال جل جلاله : (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : أي أمرهم. وقال مجاهد : شأنهم. وقال قتادة وابن زيد : حالهم والكل متقارب. وقد جاء في حديث تشميت العاطس «يهديكم الله ويصلح بالكم» (١).
ثم قال عزوجل : (ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ) أي إنما أبطلنا أعمال الكفار. وتجاوزنا عن سيئات الأبرار ، وأصلحنا شؤونهم لأن الذين كفروا اتبعوا الباطل أي اختاروا الباطل على الحق (وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) أي يبين لهم مآل أعمالهم ، وما يصيرون إليه في معادهم ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ(٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٩)
__________________
(١) أخرجه البخاري في الأدب باب ١٢٦ ، وأبو داود في الأدب باب ٩١ ، والترمذي في الأدب باب ٣ ، وابن ماجة في الأدب باب ٢٠ ، والدارمي في الاستئذان باب ٣.