ريحا منك. قال : فغضب لعبد الله رجال من قومه ، فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، قال : فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزلت فيهم (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) (١) ورواه البخاري في الصلح عن مسدد ومسلم في المغازي عن محمد بن عبد الأعلى كلاهما عن المعتمر بن سليمان عن أبيه به نحوه.
وذكر سعيد بن جبير أن الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسعف والنعال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمر بالصلح بينهما ، وقال السدي : كان رجل من الأنصار يقال له عمران ، كانت له امرأة تدعى أم زيد ، وإن المرأة أرادت أن تزور أهلها ، فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها. وإن المرأة بعثت إلى أهلها ، فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها ، وإن الرجل كان قد خرج ، فاستعان أهل الرجل ، فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها ، فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فنزلت فيهم الآية ، فبعث إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصلح بينهم وفاؤوا إلى أمر الله تعالى.
وقوله عزوجل : (فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أي اعدلوا بينهم فيما كان أصاب بعضهم لبعض بالقسط وهو العدل (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ بين يدي الرحمن عزوجل بما أقسطوا في الدنيا» (٢) ورواه النسائي عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى به. وهذا إسناد جيد قوي رجاله على شرط الصحيح ، وحدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد ، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «المقسطون عند الله تعالى يوم القيامة على منابر من نور على يمين العرش ، الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا» (٣) ورواه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به. وقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) أي الجميع إخوة في الدين ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه» (٤) وفي الصحيح «والله في عون العبد ما كان العبد في عون
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصلح باب ١ ، ومسلم في الجهاد حديث ١١٧.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ١٥٩ ، ٢٠٣.
(٣) أخرجه مسلم في الإمارة حديث ١٨ ، والنسائي في آداب القضاة باب ١ ، وأحمد في المسند ٢ / ١٦٠.
(٤) أخرجه البخاري في المظالم باب ٣ ، ومسلم في البر حديث ٥٨ ، وأبو داود في الأدب باب ٣٨ ، والترمذي في الحدود باب ٣ ، والبر باب ١٨ ، وابن ماجة في الكفارات باب ١٤ ، وأحمد في المسند ٢ / ٩١.