يا رسول الله حدثنا ما رأيت ليلة أسري بك؟ قال : ثم انطلق بي إلى خلق من خلق الله كثير ، رجال ونساء موكل بهم رجال يعمدون إلى عرض جنب أحدهم ، فيجذون منه الجذة من مثل النعل ثم يضعونه في أحدهم. فيقال له كل كما أكلت وهو يجد من أكله الموت يا محمد لو يجد الموت وهو يكره عليه ، فقلت : يا جبرائيل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الهمازون واللمازون أصحاب النميمة ، فيقال : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) وهو يكره على أكل لحمه ، هكذا أورد هذا الحديث وقد سقناه بطوله في أول تفسير سورة سبحان ولله الحمد والمنة.
وقال أبو داود الطيالسي في مسنده : حدثنا الربيع عن يزيد عن أنس أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أمر الناس أن يصوموا يوما ولا يفطرن أحد حتى آذن له ، فصام الناس ، فلما أمسوا جعل الرجل يجيء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقول ظللت منذ اليوم صائما فائذن لي فأفطر فأذن له ويجيء الرجل فيقول ذلك ، فيأذن له حتى جاء رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتين من أهلك ظلتا منذ اليوم صائمتين ، فائذن لهما فليفطرا ، فأعرض عنه ثم أعاد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما صامتا ، وكيف صام ظل يأكل من لحوم الناس؟ اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن يستقيئا» ففعلتا ، فقاءت كل واحدة منهما علقة علقة ، فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو ماتتا وهما فيهما لأكلتهما النار» إسناد ضعيف ومتن غريب. وقد رواه الحافظ البيهقي من حديث يزيد بن هارون.
حدثنا سليمان التيمي قال : سمعت رجلا يحدث في مجلس أبي عثمان النهدي عن عبيد مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأن رجلا أتى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله إن هاهنا امرأتين صامتا وإنهما كادتا تموتان من العطش ، أراه قال بالهاجرة ، فأعرض عنه أو سكت عنه ، فقال : يا نبي الله إنهما والله قد ماتتا أو كادتا تموتان ، فقال : ادعهما. فجاءتا قال : فجيء بقدح أو عس ، فقال لإحداهما قيئي. فقاءت من قيح ودم وصديد حتى قاءت نصف القدح ، ثم قال للأخرى : قيئي ، فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما ودما عبيطا (١) وغيره حتى ملأت القدح ، ثم قال : «إن هاتين صامتا عما أحل الله تعالى لهما وأفطرنا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس». وهكذا قد رواه الإمام أحمد (٢) عن يزيد بن هارون وابن أبي عدي ، كلاهما عن سليمان بن طرخان التيمي به مثله أو نحوه ، ثم رواه أيضا من حديث مسدد عن يحيى القطان عن عثمان بن غياث. حدثني رجل أظنه في حلقة أبي عثمان عن سعد مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنهم أمروا بصيام ، فجاء رجل في نصف النهار فقال : يا رسول الله فلانة وفلانة قد بلغتا الجهد فأعرض عنه مرتين أو
__________________
(١) اللحم العبيط : اللحم الطري غير النضيج.
(٢) المسند ٥ / ٤٣١.