وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (واعطيت الشفاعة) رواه البخاري (١).
وصحّ أيضاً عنه فيما أخرجه بإسناده عن عمران بن حصين ، قال : (يخرج من النار بشفاعة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيدخلون الجنّة ، ويسمّون الجهنّميين) (٢) إلى غير ذلك.
وقال الرازي في قوله تعالى : (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) إجلالاً له حيث أكرمه بوحيه ، وجعله سفيراً بينه وبين خلقه ، ومن كان كذلك فإنّ الله لا يردّ شفاعته ، فكانت الفائدة في العدول عن لفظ الخطاب إلى الغيبة ما ذكرناه (٣).
أقول : ومثلها في الدلالة قوله : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) فإنّ هذه الآية نصّ صريح في المدّعى ، ولا سيّما بقرينة ذكر الاستغفار الملازم لإسقاط العقاب وذكر الذين (آمَنُوا) والذين (تابُوا) إلى غير ذلك.
والمناقشة فيها : بأنّ قيد التوبة واتّباع السبيل مما هي قرينة على ثبوت الشفاعة بالمعنى الخاصّ وصرفها عن عموم الدعوى لأنّ التائب والمتّبِع للسبيل لا يفتقران إلى الشفاعة بالمعنى العامّ.
مدفوعة : بالنقض بقيد المغفرة الظاهرة في معنى الحطّ والستر للذنب ، وحلاًّ : بأنّ القيدين هنا من باب ذكر بعض أفراد العامّ وأقسامه ، فلا يُخصّص العامّ بها ، وهذا ثابت في علم أُصول الفقه.
ثمّ يدلّ أيضاً على ثبوت الشفاعة للملائكة قوله تعالى في صفتهم في سورة الأنبياء : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى).
__________________
(١) صحيح البخاري ١ / ١١٣ و ٢١١ ، وصحيح مسلم ٢ / ٦٣ ، وسنن النسائي ١ / ٢١١ ، والدارمي ١ / ٣٢٣ ، ومسند أحمد ٤ / ٤٣٤.
(٢) صحيح البخاري ٧ / ٢٠٢ و ٢٠٣ الرقاق ، وصحيح مسلم ١ / ١٢٣ الإيمان ، والترمذي ٤ / ١١٤ ، وسنن ابن ماجة ٢ / ١٤٤٣ الزهد ، ومسند أحمد ٤ / ٤٣٤ ، وراجع مجمع الزوائد للهيثمي ١٠ / ٣٧٩ ، وكنز العمال ١٤ / ٤٠٨ و ٥٠٦ و ٥١٣ و ٥٤١.
(٣) التفسير الكبير للفخر الرازي.