ووجه الاستدلال : أنّ صاحب الكبيرة هو المرتضى عند الله بحسب إيمانه وتوحيده ، وكلّ من صدق عليه أنّه المرتضى عند الله بهذا الوصف وجب أن يكون من أهل الشفاعة ، فإنّ الاستثناء من النفي إثبات.
وإذا ثبت أنّ صاحب الكبيرة داخل في شفاعة الملائكة ، وجب دخوله في شفاعة الأنبياء وشفاعة نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعدم القول بالفصل.
(لا يقال :) إنّ صاحب الكبيرة فاسق ، والفاسق ليس بمرتضى بحسب فسقه وعصيانه.
لأنا نقول : قد تبيّن في العلوم المنطقية أنّ المهملتين لا تتناقضان ، فالمرتضى بحسب إيمانه لا ينافيه عدمه بحسب فسقه.
وقال الرازي : اعلم أنّ هذه الآية أقوى الدلائل لنا في إثبات الشفاعة لأهل الكبائر.
وتقريره : هو أنه من قال : «لا إلهَ إلّا الله» فقد ارتضاه في ذلك ، ومتى صدق عليه أنّه ارتضاه الله في ذلك فقد صدق عليه أنّه ارتضاه الله ، لأنّ المركّب متى صدق فقد صدق ـ لا محالة ـ كلّ واحد من أجزائه ، وإذا ثبت أنّ الله قد ارتضاه وجب اندراجه تحت هذه الآية.
وقال في قوله تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) ، كما نرى في المؤمنين لهم شفعاء من الملائكة والنبيّين.
ثمّ قال : احتجّ أصحابنا بمفهوم هذه الآية ، وقالوا : إنّ تخصيص هؤلاء بأنّهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين يدلّ على أنّ غيرهم تنفعهم شفاعة الشافعين.
وفي تفسير آخر : فما تنفعهم شفاعة الشافعين كما نفعت للموحّدين.
وقال في قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) :
قال الواحدي : أجمع المفسّرون على أنّه مقام الشفاعة كما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في