فسق المعصية ، كما تقدّم ، فلا توجب المعصية ارتداداً وكفراً ، ولا تخرج العباد عن الارتضاء شيئاً ، فقد ثبت أنّ المعاصي ليست علّة تامّة للتعذيب ، وإنّما هي مقتضيات لو لا المانع عن التأثير.
فكما أنّ الله جعل بفضله وكرمه الندم عن المعصية توبةً وعفواً ، فلا غرو أن جعل الله الأمر بابتغاء الوسيلة بأوليائه ، وإيجاب فرض المودّة لذوي قربى نبيّه وأطائب عترته ولحمته ، مانعاً لها رافعاً لتأثيرها ، ماحياً لموضوعها ، مقرّباً أولياءهم إلى الله ، موجباً لنيل حوائجهم وإن رغم الراغمون ، وهنالك يخسر المبطلون.
ثمّ لا يخفى أنّ تفسيرهم الوسيلة هنا ، ليس بأعجب من تفسيرهم (الإمام) في الحديث المتواتر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة الجاهلية) (١).
حيث قالوا : إنّ المراد من الإمام القرآن؟
مع وضوح فساده ، الظاهر من إضافة الإمام إلى الزمان ، المضاف إلى ما صدق عليه
الموصول في الحديث.
مع أنّ القرآن إنّما هو الإمام المستمرّ الباقي ، الذي لا يختصّ بزمان دون زمان.
فلم يكن لتفسيرهم في المقامين وجه ، فتدبّر.
__________________
(١) وفي مسند أحمد ٤ / ٩٦ : من مات بغير إمام ... ، وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم ١ / ٧٧ و ١١٧ : ومن مات وليس عليه إمام ... ، ونقله في مجمع الزوائد ٥ / ٢٢٤ ، ورواه بلفظ بغير إمام في مجمع الزوائد ٥ / ٢١٨ ، وبلفظ : ليس لإمام ... ٥ / ٢١٩ ، ورواه في كنز العمال ١ / ١٠٣ بلفظ (بغير إمام) عن أحمد والطبراني ، وبلفظ (ليس عليه إمام) في ١ / ٢٠٧ وانظر ٢٠٨ و ٦ / ٦٥ ، ولكن أكثر مصادر الحديث اثبتوها بألفاظ اخرى مثل (بغير سلطان ، أو أمير أو بغير طاعة ، أو من فارق الجماعة ، أو ليس في عنقه بيعة ... ، ولاحظ قوله صلىاللهعليهوآله : يا علي ، من مات وهو يبغضك مات ميتة جاهلية. رواه الطبراني في الكبير رواه في مجمع الزوائد ٩ / ١١١ و ٩ / ١٢١ و ١٢٢ ، وكنز العمال ١١ / ٦١١ و ١٣ / ١٥٩.