والقضاء يستلزم العلم والدين وفيه نزل قوله تعالى : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (١).
ولأنه عليهالسلام كان في غاية الذكاء والفطنة ، شديد الحرص على التعلّم ، ولازم رسول الله ـ الذي هو أكمل الناس ـ ملازمة شديدة ليلا ونهارا من صغره إلى وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «العلم في الصّغر كالنقش في الحجر» ، فيكون علومه أكثر من علوم غيره ؛ لحصول القابل الكامل والفاعل التامّ ، ومنه استفاد الناس العلم.
أمّا النحو ، فهو واضعه ؛ قال لأبي الأسود الدؤلي : «الكلام كلّه ثلاثة أشياء : اسم وفعل وحرف» ... وعلّمه وجوه الإعراب.
وأمّا الفقه ، فالفقهاء كلّهم يرجعون إليه ؛ أمّا الإمامية فظاهر ؛ لأنّهم أخذوا علمهم منه ومن أولاده ، وأمّا غيرهم فكذلك ، أمّا أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمد وزفر ، فإنّهم أخذوا عن أبي حنيفة ، والشافعيّ قرأ على محمد بن الحسن وعلى مالك ، فرجع فقهه إليهما ، وأمّا أحمد بن حنبل فقرأ على الشافعيّ ، فرجع فقهه إليه ، وفقه الشافعيّ راجع إلى (أبي حنيفة) (٢) وأبو حنيفة قرأ على الصادق ، والصادق قرأ على الباقر ، والباقر [قرأ] على زين العابدين ، وزين العابدين قرأ على أبيه ، وأبوه قرأ على عليّ عليهالسلام. وأمّا مالك فقرأ على ربيعة الرأي (٣) ، وقرأ ربيعة على عكرمة ، وعكرمة على عبد الله بن عبّاس ، وعبد الله بن عبّاس تلميذ عليّ عليهالسلام.
وأمّا علم الكلام ، فهو أصله ، ومن خطبه استفاد الناس ، وكلّ الناس تلاميذه : فإنّ المعتزلة انتسبوا إلى واصل بن عطاء وهو كبيرهم ، وكان تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفيّة ، وأبو هاشم تلميذ أبيه ، وأبوه تلميذ عليّ عليهالسلام : والأشعريّة تلامذة أبي الحسن عليّ بن أبي بشر الأشعري ، وهو تلميذ أبي علي الجبائي ، وهو شيخ من شيوخ المعتزلة.
وعلم التفسير إليه يعزى ؛ لأن ابن عباس كان تلميذه فيه ، قال ابن عباس : حدّثني
__________________
(١) الحاقّة : ١٢.
(٢) ما بين القوسين سقط من «ش ٢».
(٣) في «ر» : الرازي.