في موطن قطّ ، ولا ضرب بسيفه إلّا قطّ ، وطالما كشف الكرب عن وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يفرّ كما فرّ غيره
ووقاه بنفسه لمّا بات على فراشه مستترا بإزاره ، فظنّه المشركون ـ وقد اتّفقوا على قتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّه هو ، فأحدقوا به وعليهم السلاح يرصدون طلوع الفجر ليقتلوه ظاهرا ، فيذهب دمه ؛ لمشاهدة بني هاشم قاتليه من جميع القبائل ، ولا يتمّ لهم الأخذ بثاره لاشتراك الجماعة في دمه ، ويعود كلّ قبيل إلى رهطه ، وكان ذلك سبب حفظ دم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتمّت السلامة ، وانتظم به الغرض في الدعاء إلى الملّة فلمّا أصبح القوم وأرادوا الفتك به ، ثار إليهم فتفرّقوا عنه حين عرفوه ، وانصرفوا وقد ضلّت حيلتهم وانتقض تدبيرهم (١)
وفي غزاة بدر ـ وهي أوّل الغزوات ـ كانت على رأس ثمانية عشر شهرا من قدومه المدينة ، وعمره سبعة وعشرون سنة ، قتل عليهالسلام منهم ستّة وثلاثين رجلا بانفراده ، وهم أعظم من نصف المقتولين ، وشرك في الباقين. (٢)
وفي غزاة احد انهزم الناس كلّهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وحده ، ورجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نفر يسير أوّلهم عاصم بن ثابت وأبو دجانة وسهل بن حنيف ، وجاء عثمان بعد ثلاثة أيّام ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد ذهبت فيها عريضة! (٣)
وتعجّبت الملائكة من ثبات علي عليهالسلام ، وقال جبرئيل وهو يعرج إلى السماء «لا سيف إلّا ذو الفقار ، ولا فتى إلّا عليّ» (٤) ، وقتل عليّ عليهالسلام أكثر المشركين في هذه الغزاة ، وكان الفتح
__________________
(١) وفيه : نزل (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) كما سبقت الإشارة إليه ، وانظر الفصول المهمة : ٤٦ ـ ٤٧ / الفصل ١.
(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ : ٨. وانظر الفصول المهمة : ٥٣ ـ ٥٤ «ذكر أسماء رءوس الكفر الذين انفرد عليهالسلام بقتلهم».
(٣) ذكر فرار عثمان في معركة أحد وتغيبه عن بدر وتخلّفه عن بيعة الرضوان في صحيح البخاري ٥ : ١٢٦٥ / باب غزوة أحد ، وجاء فيها محاولة الدفاع عنه بتأويلات باردة. وانظر بحار الأنوار ٢٠ : ٨٤.
(٤) مناقب الخوارزمى : ١٧٢ ـ ١٧٣ / الحديث ٢٠٨ ، وذخائر العقبى : ٧٤ ، وقال : خرّجه الحسن بن عرفة العبدي