وكذلك ـ أيضا ـ إذا نظرنا إلى الشمس وحدّقنا إليها تحديقا شديدا ثمّ غمّضنا أعيننا رأينا ألوانا قوسية ، فإذا كان من الجائز أن يتخيل كهيئة القوس خيالا لا يستند إلى وجود شيء ، لم يمنع مانع أن يكون هذا جائزا في القوس الحادث عن غمام.
فصل
وأمّا الشهب فيشبه أن يكون سببها أن الدخان إذا بلغ إلى حيّز النار أو الطبقة القصوى من الهواء الحارة بالفعل ؛ لبعدها عن مجاورة الماء والأرض ، ومخالطة أبخرتها وقربها من كرة الأثير ، وكان لطيفا ، اشتعلت فيه النار بإذن الله ، فانقلب إلى النار ، ويلتهب بسرعة ؛ لاستحالة الأجزاء الأرضية نارا صرفة ، فصارت شفّافة غير مرئية ، فيرى كالمنطقي.
وأمّا مدّ الاشتعال فيه فلأنه اشتعل طرفه العالي أولا ، ثمّ يذهب الاشتعال فيه إلى آخره ، فيرى الاشتعال ممتدا على سمت الدخان إلى طرفه الآخر.
وإن كان الدخان كثيفا لا في الغاية تعلّقت به النار تعلّقا ما ، فيحترق من غير اشتعال ، وثبت فيه الاحتراق ، فرئيت العلامات الهائلة السود والحمر على حسب غلظ المادّة شدة وضعفا.
وإن كان تام الكثافة وتعلّقت به النار تعلّقا قويا ، فيثبت فيه الاشتعال ودام متّصلا لا ينطفىء أياما وشهورا ، بقدر كثافة المادة ، وكثرة الاستمداد ، فيكون على صورة ذؤابة ، أو ذنب ، أو رمح ، أو قرن.
وربما وقف تحت كوكب وكانت تدور به النار الدائرة بدوران الفلك ،