فيرى كأن لذلك الكوكب ذؤابة ، أو ذنبا ، أو لحية ، أو غير ذلك.
وقد يصل شيء من هذه إلى الأرض ، فيحرق ما عليها غضبا من الله الملك الجبار ، ويسمى الحريق ، وقد لا ينقطع اتصاله عن الأرض في صعوده واشتعلت النار فيه نازلة فيرى كأنّ تنينا ينزل من السماء إلى الأرض ، فإذا وصلت الأرض احترقت تلك المادّة بالكلية ، وما يقرب منها ، وسبيل ذلك سبيل السراج المنطفىء إذا وضع تحت السراج المشتعل فاتّصل الدخان من الأوّل إلى الثاني فانحدر اللهب إلى فتيلته.
وقد يوجد في بعض نواحي الأرض قوّة كبريتية ينبعث منها دخان ، وفي الهواء رطوبة بخارية ، فيحصل من اختلاط دخان الكبريت بالأجزاء الرطبة الهوائية مزاج دهني ، وربما اشتعل بأشعة الكواكب وبغيرها ، فيرى بالليل شعلا مضيئة ، كما حكاه بعض المسافرين ، ولما كان كلّ مضيء حصل في الجوّ العالي ، أو في السماء ، فهو مصباح لأهل الأرض ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) (١) ، فإنّ من تلك المصابيح ما هي باقية على طول الزمان ، وهي الكواكب المركوزة في السماوات.
ومنها ما هي متغيّرة ، وهي هذه الشهب الّتي يحدثها الله ، ويجعلها رجوما للشياطين ، ويصدق عليها أنها زينة السماء أيضا ، بالنسبة إلى أوهامنا ، وأن الكلّ زينة للسماء الدنيا ؛ لعدم حجبها ضوء الكواكب ، فتشاهد مزيّنة بها كلّها ، وإن كان بعضها في غيرها.
__________________
(١) ـ سورة الملك ، الآية ٥.