فصل
وأمّا الرياح ، فقد يكون السبب فيها ـ والعلم عند الله ـ أن البخار إذا ثقل بواسطة البرودة المكتسبة من الزمهريرية واندفع إلى سفل فصار لتسخّنه بالحركة الموجبة لتلطيفه هواء متحركا ، وهو الريح ، وقد يكون لاندفاع يعرض بسبب تراكم السحب الموجب لحركة ما يليها من الهواء ؛ لامتناع الخلاء ، فيصير السحاب من جانب إلى جهة أخرى ، وقد يكون لانبساط الهواء بالتخلخل في جهة ، واندفاعه من جهة أخرى ، وقد يكون بسبب برد الدخان المتصاعد عند وصوله إلى الزمهرير ، ونزوله.
ومن الرياح ما يكون سموما ؛ لاحتراقه في نفسه بالأشعة السماوية ، أو لحدوثه من بقية مادّة الشهب ، أو لمروره بالأرض الحارة جدا ، لأجل غلبة نارية عليها ، وقد يقع تقاوم فيما بين ريحين متقابلتين قويّتين تلتقيان ، فتستديران ، أو فيما بين رياح مختلفة الجهة حادثة فتدافع تلك الرياح الأجزاء الأرضية المشتملة عليها ، فتضغط تلك الأجزاء بينها مرتفعة كأنها تلتوي على نفسها ، فيحصل الدوران المسمى بالزوبعة والإعصار ، وربما اشتملت الزوابع العظام على قطعة من السحاب ، بل على بخار مشتعل ، فيرى نارا تدور.
ومهاب الرياح اثنا عشر ، وهي حدود للأفق ، حاصلة من تقاطعه مع كلّ من دائرة نصف النهار ، والموازيتين لها ، المماستين للدائميتين الظهور والخفاء ، ودائرة المشرق والمغرب الاعتدالين ، والموازيتين لها المارّتين برأسي السرطان والجدي.
ولكلّ ريح منها اسم ، والمشهورات عند العرب أربعة : ريح الشمال ، وريح