تحقيق معنى النفس بما هي نفس.
فالنفس ذات جهات ، وقوى ، استفادتها من جواهر عقلية ، بها تفعل الأفاعيل في بدنها ، وهي عين تلك القوى والجهات من وجه ، ومستخدمة لها من وجه آخر ، وكلّ من تلك الجهات والقوى حقيقة واحدة ، وإنما تتعدّد بتعدد النفوس ، نوعا وصنفا وشخصا ، فافهم.
فصل
وممّا يؤيد كون النفس مبدأ لهذه الأفاعيل بذاتها ، وكون قوتها سارية في جميع أطراف البدن بوجوه التصرّفات ، اعتناؤها بتعديل المزاج ، وحفظ الاتصال ، وتألّمها بتغيّر المزاج عند أدنى مغيّر من حرّ ، أو برد ، أو حركة ، أو تعب ، أو هبوب ريح مشوّش ، إلى غير ذلك من الأمور الغير النفسانية ، وكذلك تأذّيها من تفرق الاتصال والجراحات ، تأذّيا جزئيا في الحال ، وعدم انحصار تألّمها بالمؤلمات الّتي هي من باب خوف العاقبة ، وخطر المآل ، وكذلك وجدان ذاتها مقصّرة عن الأمور الإدراكية عند اشتداد حاجته إلى الإحالة والهضم ، والدفع ، بسبب من الأسباب ، كما يكون للمريض عند بحرانه ، فإنّ ذلك ليس إلّا لاشتغال النفس بهذه الأفعال ، واستغراقها فيها.
وصل
وأمّا عدم علم النفس بصدور هذه الأفاعيل منها ، مع كونها فاعلة ، فإنما ذلك لعدم صلاحية الماديات من حيث كونها ماديات ، أي من حيث ذاتها