كالثعلب ، وغضوب شديد الغضب ، سفيه إلّا أنه ملق متودّد ، كالكلب ، وشديد الكيس مستأنس ، كالفيل والقرد ، وذو حياء وحفاظ ، كالأوز ، وحسود منافر ، مباه بجماله ، كالطاووس ، وشديد الحفظ ، كالجمل والحمار ، إلى غير ذلك من الصفات والأخلاق.
ولكلّ منها هاد ، وملهم ، يهديه إلى خصائص أفاعيله ، وأخلاقه ، من الملائكة الموكّلة بها ، بإذن الله ، والله سبحانه وراء الكلّ هو الّذي أعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى.
وفي كلام أمير المؤمنين عليهالسلام : «ابتدعهم خلقا عجيبا ، من حيوان ، وموات ، وساكن ، وذي حركات ، وأقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته ، وعظيم قدرته ما انقادت له العقول ، معترفة به ، ومسلّمة له ، ونعقت في أسماعنا دلائله ، على وحدانيته ، وما ذرأ من مختلف صور الأطيار الّتي أسكنها أخاديد الأرض ، وخروق فجاجها ، ورواسي أعلامها ، من ذات أجنحة مختلفة ، وهيئات متباينة ، مصرفة في زمام التسخير ، مرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح ، والفضاء المنفرج ، كوّنها بعد إذ لم تكن في عجائب صور ظاهرة ، وركّبها في حقاق مفاصل محتجبة ، ومنع بعضها بعبالة خلقه أن يسمو في الهواء خفوقا ، وجعله يذف دفيفا ، ونسقها على اختلافها في الأصابيع بلطيف قدرته ، ودقيق صنعته ، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ، ومنها مغموس في لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبغ به ، ومن أعجبها خلقا الطاووس الّذي أقامه في أحكم تعديل ، ونضّد ألوانه في أحسن تنضيد». الحديث في نهج البلاغة (١).
__________________
(١) ـ نهج البلاغة : ٢٣٥ ، خطبة رقم «١٦٥».