وأشبه بهما من الباقيين.
وأمّا في البصر فهو جرم نوراني في الجليدية ، يرتسم منه بين العين والمرئي مخروط ، وهمي أو جوهري ، مجرّد عن المادة ، فائض وجوده عن سبب فاعلي ، بلا حركة وزمان ، ولا شيء من الأسباب المادية إلّا الوضع المخصوص من النير ، وعدم الحجاب ، ويتعلّق إدراك النفس بالمرئي من جهة زاوية هذا المخروط الّتي عند الجليدية ، ويحدث منها في المقابل القابل أشعة وأضواء ، تكون قوتها في مسقط السهم ، ممّا يحاذي مركز العين الّذي هو بمنزلة الزاوية للمخروط ، ولشدة استنارته يكون ما نرى منه أظهر ، وإدراكه أقوى ، هكذا حقّق هذه المباحث أستاذنا ـ دام ظله ـ.
والآن فلنفتش عن كيفية إدراك النفس في هذه الحواس ، هل المدرك فيها هو الأمر المادي العيني ، سواء كان قائما بمادّة المحسوس نفسه ، أو بمادّة الجرم المتوسّط ، أو غير ذلك ، أم أمر آخر مجرّد؟
وعلى أي نحو يجوز أن يقع الإدراك؟ وعلى أي نحو لا يجوز أن يقع؟
فاسمع لما سنلقي إليك من القول ، وإن كان بعضه ثقيلا.
فصل
ليس إدراك السمع بأن يتشكّل الهواء بتقاطع الحروف ، كما ظن ؛ لأنّ الهواء لا يحفظ الشكل ، كيف وهو سريع الالتئام ، ثمّ من تشوّش الهواء الّذي عند أذنه ينبغي أن لا يسمع شيئا ؛ لتشوّش التموّجات واختلافها.
ولا إدراك البصر بأن تنطبع الصورة المرئية في الرطوبة الجليدية ، أو في