والعقل وسط الكل (١).
وصل
النفسان الأوليان ـ في كلامه عليهالسلام ـ مختصتان بالجهة الحيوانية ، الّتي في محل اللذّة والألم ، في الدنيا والآخرة ، والأخيرتان بالجهة الإنسانية ، الّتي سنذكرها ، وهما سعيدتان في النشأة الأخروية ، وسيّما الأخيرة ، فإنّها لا حظّ لها من الشقاء الأخروي ؛ لأنها ليست من عالم الشقاء ، بل هي منفوخة من روح الله ، فلا يتطرّق إليها ألم هناك من وجه ، وليست هي موجودة في أكثر الناس ، بل ربما لم يبلغ من ألوف كثيرة واحد إليها ، وكذلك الأعضاء والجوارح بمعزل عن اللذة والألم.
ألا ترى إلى المريض إذا نام وهو حيّ ، والحسّ عنده موجود ، والجرح الذي يتألّم به في يقظته موجود في العضو ، ومع هذا لا يجد ألما ؛ لأنّ الواجد للألم قد صرف وجهه عن عالم الشهادة إلى البرزخ ، فما عنده خبر ، فإذا استيقظ المريض ، أي رجع إلى عالم الشهادة ، ونزل منزل الحواس ، قامت به الأوجاع والآلام ، فإن كان في البرزخ في ألم ، كما في رؤيا مفزعة مؤلمة ، أو في لذّة ، كما في رؤيا حسنة ملذّة ، انتقل معه الألم واللذّة حيث انتقل ، وكذلك حاله في الآخرة.
__________________
(١) ـ ذكر هذا الخبر في البحار ، وعبّر عنه بقوله : «وقد روى بعض الصوفية في كتبهم عن كميل بن زياد ...» ، وفي آخره قال العلّامة المجلسي : «أقول : هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الأخبار المعتبرة المتداولة ، وهي شبيهة بأضغاث أحلام الصوفية». أنظر : بحار الأنوار : ٥٨ : ٨٤.