جوهر نطقي ، شرير ، واقع في عالم الملكوت النفساني ، شأنه الإغواء ، وسبيله الإضلال ، كما في قوله عزوجل ، حكاية عن اللعين : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (١) ، وسيأتي ذكره وبيانه.
والذي بمنزلته في جملة الملائكة الموكّلين بالإنسان خاصة ، هو الوهم ، القابل لإغوائه ، كما أشرنا إليه.
فصل
أنظر إلى الكائنات العنصرية ، كيف سلكت سبيل العالم الإنساني ، وتوجّهت شطر كعبة قلبه الّتي فيها آيات الحقّ في صيرورة الأجسام الأسطقسية البعيدة الشبه له ، غذاء لطيفا بعد تلطّفها يسيرا يسيرا ، وتحوّلها من حال إلى حال ، وطيّها درجات النبات والحيوان ، وقطع مسالكها البعيدة ، ودخولها في بلد قالبه وعالمه طائعة ، مسلّمة له ، دخول الناس في دين الله أفواجا ، وذلك لكونها مفطورة في خدمة الإنسان ، وسجدة آدم حركة إليه ، طلبا وشوقا وتعبّدا لدين الله ، طوعا أو كرها.
فعلم أنّ جميع الكائنات فداء للإنسان ، تتحوّل إليه ، وليس فيه تبديل إلى غيره (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) (٢) ، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (٣).
__________________
(١) ـ سورة ص ، الآية ٨٢ و ٨٣.
(٢) ـ سورة يونس ، الآية ٦٤.
(٣) ـ سورة الروم ، الآية ٣٠.