أجابوه» (١) ، كما مرّ ذكره ، نظير ذلك قوله عزوجل : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢) ، وقوله سبحانه : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٣) ، ومعلوم أنه لا قول ثمة ، وإنما هو تمثيل وتصوير للمعنى.
أو نقول : إن ذلك النطق إنّما كان باللسان الملكوتي الّذي به يسبّح كلّ شيء بحمد ربّه ؛ وذلك لأنهم كانوا مفطورين بالفطرة الّتي فطر الناس عليها ، وهي المعرفة والتوحيد ؛ وذلك كما نطق الحصى في كفّ النبي صلىاللهعليهوآله ، وبه تنطق الأرض يوم القيامة (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (٤) ، وبه تنطق الجوارح (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (٥).
وصل
قال بعض أهل المعرفة : النفوس الإنسانية إنّما هبطت إلى هذا العالم من عالم آخر ، وهو مأواها الطبيعي ، وموطنها الأصلي ، وهي كانت هناك حيّة ، مختارة ، لطيفة ، عالمة ، قادرة بقوّة مبدعها ، سائحة في عالمها ، فرحانة ، مطمئنة عند بارئها (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) (٦) ، وهي الجنة الّتي كان فيها أبوها العقلي ، وأمّها
__________________
(١) ـ الكافي : ٢ : ١٢ ، ح ١.
(٢) ـ سورة النحل ، الآية ٤٠.
(٣) ـ سورة فصلت ، الآية ١١.
(٤) ـ سورة الزلزلة ، الآية ٤.
(٥) ـ سورة فصلت ، الآية ٢١.
(٦) ـ سورة القمر ، الآية ٥٥.