رحماتي ، فذلك قول الله عزوجل : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١). انتهى كلامه صلوات الله عليه (٢).
وليعلم أن الجنة الّتي خرج منها أبونا آدم ـ على نبيّنا وعليهالسلام ـ غير الجنة الّتي وعد المتّقون من وجه ، كما أشرنا إليه فيما سلف ، ولهذا ورد في الأخبار أنها كانت بستانا من بساتين الدنيا ، ولو كانت تلك الجنة لما خرج منها أبدا.
فصل
قال بعض أهل الحكمة : إن الإنسان من أوّل زمان إفاضة القوّة العاقلة عليه إلى حين استرجاعها ما دام مراعيا لأوامر الحقّ سبحانه ، غير منحرف عن فطرته الأصلية ، ولا معرض عن عبادته ، ولا ملتفت إلى غيره ، فإنه في الجنّة ، وإن كانت الجنة على مراتب ، كما قال تعالى : (لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (٣).
ولذلك قال صلىاللهعليهوآله : «كلّ مولود يولد فعلى الفطرة ، وإنما أبواه هما اللذان يهوّدانه ، وينصّرانه» (٤) ؛ إذ كانت نفسه قبل الجواذب الخارجية عن القبلة
__________________
(١) ـ سورة البقرة ، الآية ٣٧.
(٢) ـ تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٢٠ ـ ٢٢٦ مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.
(٣) ـ سورة الزمر ، الآية ٢٠.
(٤) ـ هذا الحديث تارة ينقل عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وأخرى عن الإمام الصادق عليهالسلام ، مع اختلاف بعض الألفاظ. أنظر : من لا يحضره الفقيه : ٢ : ٤٩ ، ح ١٦٦٨ ؛ وتصحيح الاعتقاد : ٦١ ؛ وعدة الداعي : ٣٣٢ ، وغيرها من المصادر.