مطهرة من النقائص ، معرضة عن الشواغل البدنية ، متّصفة بالمحامد ، أو غير ذلك ممّا يوجب تنويرها ونقويتها وقدرتها على خرق العالم الحسي ، من الإتيان بالطاعات والعبادات ، واستعمال القوى ، والآلات بموجب الأوامر الإلهية ، وحفظ الاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط فيها ، ودوام الوضوء ، والذكر ، وخصوصا من أوّل الليل إلى وقت النوم ، وصحة البدن ، واعتدال مزاجه الشخصي ، والدماغي ، اتّصلت بالجواهر الروحانية الشريفة ، الّتي فيها نقوش جميع الموجودات ، كلية وجزئية ، المسماة بالكتاب المبين ، وأمّ الكتاب ، على ما مرّ تفصيله ، فانتقشت بما فيها من صور الأشياء ، لا سيّما ما ناسب أغراضها ، ويكون مهمّا لها.
فإنّ النفس بمنزلة مرآة ينطبع فيها كلّ ما قابلها من مرآة أخرى عند حصول الأسباب، وارتفاع الحجاب بينهما ، والحجاب هاهنا اشتغال النفس بما تورده الحواس ، فإذا ارتفع ظهر فيها من تلك المرائي ما يناسبها ويحاذيها.
فإن كانت تلك الصور جزئية ، وبقيت في النفس تحفظ الحافظة إياها على وجهها ، ولم تتصرف فيه القوّة المتخيّلة الحاكية للأشياء بتمثّلها ، فتصدق هذه الرؤيا ، ولا تحتاج إلى التعبير.
وإن كانت المتخيّلة غالبة ، أو إدراك النفس للصورة ضعيفا ، صارت المتخيّلة بطبعها إلى تبديل ما رأته النفس بمثال ، كتبديل العلم باللبن ، وتبديل العدوّ بالحيّة ، وتبديل الملك بالبحر ، أو الجبل ، إلى غير ذلك ؛ وذلك لما دريت أن لكلّ معنى صورة في نشأة غير صورته في النشأة الأخرى ، وأن النشآت متطابقة.
نقل أن رجلا جاء إلى ابن سيرين وقال : رأيت كأن في يدي خاتما أختم