به أفواه الرجال ، وفروج النساء ، فقال : إنك مؤذّن تؤذّن في شهر رمضان ، قبل الفجر ، فقال : صدقت.
وجاء آخر فقال : كأنّي أصببت الزيت في الزيتون ، فقال : إن كانت تحتك جارية اشتريتها ففتّش عن حالها ، فإنّها أمّك ؛ لأنّ الزيتون أصل الزيت ، فهو ردّ إلى الأصل ، فنظر ، فإذا جاريته كانت أمّه ، وقد سبيت في صغره.
وقال آخر له : كأني أعلق الدرّ في أعناق الخنازير ، فقال : كأنّك تعلّم الحكمة غير أهلها ، وكان كما قال.
وربما تبدل المتخيّلة الأشياء المرئية في النوم بما يشابهها ، ويناسبها مناسبة ما ، أو ما يضادّها ، كما من رأى أنه ولد له ابن فتولد له بنت ، وبالعكس ، وهذه الرؤيا تحتاج إلى مزيد تصرّف في تعبيره ، بأن يحلل بالعكس ، أي يرجع من الصور الخيالية الجزئية إلى المعاني النفسانية الكلية ، وربما لم تكن انتقالات المتخيلة مضبوطة بنوع مخصوص ، فانشعبت وجوه التعبير ، فصار مختلفا بالأشخاص والأحوال والصناعات ، وفصول السنة ، وصحة النائم ومرضه.
وصاحب التعبير لا ينال إلّا بضرب من الحدس ، ويغلط فيه كثيرا للالتباس.
وإن كانت النفس سفلية متعلقة بالدنيا ، منهمكة في الشهوات ، حريصة على المخالفات ، مستعملة للمتخيّلة في التخيلات الفاسدة ، وغير ذلك ، ممّا يوجب الظلمة ، وازدياد الحجب ، أو سوء مزاج الدماغ ، فلا تتصل بالجواهر الروحانية بمجرد ذلك ، فتفعل باختراعها بقوّتها المتخيّلة في مملكتها وعالمها الباطني ، صورا وأشخاصا جسمانية ، بعضها مطابقة لما يوجد في الخارج ، وبعضها جزافات لا أصل لها في شيء من العوالم ، بل هو من دعابات المتخيّلة ،