فصل
ومن الآيات الغريبة الإنسانية غير ما ذكر من الإخبار بالمغيبات ، تأثيره في مادّة العالم بإزالة صورة ، ونزعها عن المادة ، أو تلبيسها إياها ، فيؤثّر في استحالة الهواء إلى الغيم ، ونزول الأمطار ، أو في إزالة المرض عن مريض ، أو في إهلاك ، أو إنجائهم ، أو خشوع سبع له ، أو عدم تنفّر طائر منه ، أو غير ذلك ممّا يجري مجراها ، سواء كان بدعاء ، أو برقية ، أو غيرهما ؛ ولذلك كله أسباب ذاتية ووجوه عقلية ، ليس بمستبعد في قدرة الله ، ولا بمستنكر على الله ، وربما يتأتى لنا أن نذكر بعضها ، كما استفدناه من أهلها ، فاسمع :
وصل
قد علمت أن الأجسام مطيعة للنفوس ، متأثّرة عنها ، وأن صور الكائنات تتعاقب على المواد العنصرية بتأثيرات النفوس الفلكية ، والنفس الإنسانية إذا قويت يمكن أن تتشبّه بها تشبّه الأولاد بالآباء ، فتؤثر في مادّة العناصر تأثيرها.
وأمّا إذا لم تقو فلم يتعدّ تأثيرها إلى غير بدنها وعالمها الخاص ، وما من نفس إلّا ولها تأثيرات في عالمها الخاص ، حتّى أن وهم الماشي على جذع معروض فوق فضاء يفعل في إزلاقه ما لا يفعله وهم مثله ، والجذع على قرار أيضا ، فإنّ النفس إذا توهّمت صورة مكروهة استحال مزاج بدنها ، وحدثت رطوبة العرق والرعشة ، وإذا حدثت فيها صورة الغلبة تسخّن البدن واحمرّ الوجه ، وإذا وقعت فيها صورة النكاح حدثت حرارة مسخّنة منفخة للريح ، حتّى