فصل
ومن الغرائب تشكّلهم بأشكال غير أشكالهم المحسوسة ، وهم في دار الدنيا ؛ لقوّة انسلاخهم من أبدانهم ، وبعد انتقالهم أيضا إلى الآخرة ؛ لازدياد تلك القوّة بارتفاع المانع البدني ؛ وذلك لأنّ لكلّ من الأرواح والنفوس صورا كثيرة مثالية مختلفة على حسب اختلاف الصفات النفسانية ، وأغراضها ، واختلاف المظاهر والمواضع والأزمنة ، وغيرها.
روى في الكافي ، بإسناده عن مولانا الصادق عليهالسلام ، قال : إن أبي كان قاعدا في الحجر ، ومعه رجل يحدثه ، فإذا هو بوزغ يولول بلسانه ، فقال أبي للرجل : أتدري ما يقول هذا الوزغ؟ قال : لا علم لي بما يقول ، قال : فإنه يقول : والله لئن ذكرتم عثمان بشتمة لأشتمنّ عليا حتّى يقوم من هاهنا ، قال : وقال أبي : ليس يموت من بني أمية ميّت إلّا ومسخ وزغا ، قال : وقال : إنّ عبد الملك بن مروان لما نزل به الموت مسخ وزغا ، فذهب من بين يدي من كان عنده ، وكان عنده ولده ، فلما أن فقدوه عظم ذلك عليهم ، فلم يدروا كيف يصنعون ، ثمّ اجتمع أمرهم على أن يأخذوا جذعا فيصنعوه كهيئة الرجل ، قال : ففعلوا ذلك ، وألبسوا الجذع درع حديد ، ثمّ ألقوه (١) في الأكفان ، فلم يطّلع عليه أحد من الناس ، إلّا أنا وولده (٢).
أقول : إنّ هذا من أغرب الغرائب.
__________________
(١) ـ في المصدر : لفّوه.
(٢) ـ الكافي : ٨ : ٢٣٢ ، ح ٣٠٥.