وقال عزوجل : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ* دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ* إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) (١).
وروي أنّ الشياطين كانت تصعد إلى السماء ، ثمّ تجاوز سماء الدنيا إلى غيرها ، فلما ولد عيسى عليهالسلام منعوا من مجاوزة سماء الدنيا ، وصاروا يسترقون منها السمع ، فيستمع الجني الكلمة يتكلم بها الملك من أمر الله ، فيلقيها لوليه من الإنس ، فيخلط فيها الكذب ، حتّى ولد نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله ، فمنعوا من التردد إلى السماء ، إلّا قليلا ، حتّى بعث النبي صلىاللهعليهوآله فمنعوا أصلا.
قال تعالى ، حكاية عنهم : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٢) الآيات.
وفي الاحتجاج عن مولانا الصادق عليهالسلام ، في حديث يذكر فيه أخبار الكاهن ، قال: «وأمّا أخبار السماء فإنّ الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي لا تحجب ، ولا ترجم بالنجوم ، وإنما منعت من استراق السمع لئلّا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء ، فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله لإثبات الحجة، ونفي الشبهة ، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه ، فيختطفها ، ثمّ يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن ، فإذا قد زاد كلمات من عنده فيخلط الحقّ بالباطل ، فما أصاب الكاهن من خبر ـ ممّا كان يخبر به ـ فهو ما أدّاه إليه شيطانه ممّا سمعه ، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه ، فمذ منعت الشياطين عن
__________________
(١) ـ سورة الصافات ، الآية ٨ ـ ١٠.
(٢) ـ سورة الجن ، الآية ٨ و ٩.