حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) (١) ، فمنهم مؤمن صالح ، ومنهم كافر مارد ، قال الله تعالى ، حكاية عنهم : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) (٢) ، وقال سبحانه أيضا عنهم : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) ـ إلى قوله : ـ (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) (٣).
قال مولانا الصادق عليهالسلام : «الجن على ثلاثة أجزاء : فجزء مع الملائكة ، وجزء يطيرون في الهواء ، وجزء كلاب وحيّات» (٤).
فصل
قيل : لما كان لنفوسها ضرب من الفعلية والكمال في أوّل الفطرة ؛ لغلبة النارية على أبدانها ، فليس لها إمكان الترقّي إلى الكمالات العقلية ، كما للإنسان الذي خلق ضعيفا تهيّأ لذلك ، وفعلية صورها تضاد لفعلية صور الأنوار السماوية ، ولهذا صارت مزجورة عنها ، مرجومة من ملائكتها ، كلّما دنت وقربت إليها لاستراق السمع صارت مدحورة مرجومة من معدن النور والرحمة ، كما قال سبحانه : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٥) ، وهو من الأنوار الملكية ، أو الفلكية المضادّة لها نفسا وبدنا.
__________________
(١) ـ سورة الأحقاف ، الآية ٢٩.
(٢) ـ سورة الجن ، الآية ١٤.
(٣) ـ سورة الجن ، الآية ١ ـ ٤.
(٤) ـ الخصال : ١ : ١٥٤ ، ح ١٩٢.
(٥) ـ سورة الجن ، الآية ٩.