نَسَباً) (١). والشياطين في قوله تعالى : (كانَ مِنَ الْجِنِ) (٢).
فهي أجسام لطيفة ، حيّة ، ذوات نفوس قوية ، غالبة على أجسادها ، قادرة على التمدّد والانقباض ، وعلى تشكيل أنفسها بأشكال مختلفة ، بعضها ممّا يوجب لها سهولة النفوذ في المنافذ ، وعلى الأعمال الشاقّة ، قال الله عزوجل ، في قصّة سليمان ، على نبيّناوعليهالسلام : (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) (٣) ، إلى أن قال : (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (٤).
ولعل الوجه في ظهور صورها في بعض الأوقات دون بعض ، أنّ أبدانها لطيفة ، مقتصدة في اللطافة ، قابلة للتخلخل والتكاثف ، فإذا صارت متكاثفة غلظ قوامها ، فرؤيت ، وإذا صارت متخلخلة دقّ قوامها ولطف جسمها ، فغابت عن الأبصار ، كالهواء إذا صار غيما بالتكاثف رؤي ، وإذا عاد إلى لطافته لم ير ، فإنّ الغيم ربّما يكون بتكاثف الهواء نفسه من دون مدد من بخار البحار ، كما مضى ذكره.
ولها علوم وإدراكات من جنس علومنا ، وإدراكاتنا الوهمية ، وأوائل العقليات.
قال الله جل جلاله : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا
__________________
(١) ـ سورة الصافات ، الآية ١٥٨.
(٢) ـ سورة الكهف ، الآية ٥٠.
(٣) ـ سورة سبأ ، الآية ١٢.
(٤) ـ سورة سبأ ، الآية ١٣.