إلى الفعل ، كما قال تعالى : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (١).
أو شياطين الإنس هي النفوس المتجسّدة الشريرة ، آنست بالأجساد ، وشياطين الجن هي النفوس الشريرة المفارقة للأجساد المستحجبة عن الأبصار.
ومثل وسوسة هذه النفوس المفارقة لهذه النفوس المتجسّدة كمثل من قويت شهوته للطعام والشراب ، وضعفت حرارته الهاضمة عن نضجها ، فهو يشتهي ولا يستمرىء ، فعند ذلك تكون همّته أن يرى الطعام والشراب ، والآكلين لهما ، لينظر إليهم فيستروح من ألم شهواته الممنوع عنها ؛ لضعف الآلة ، وبطلان فعل القوّة ، فهكذا حكم تلك النفوس المفارقة ، كما أشير إليه بقوله تعالى : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (٢).
فصل
ولما كانت الجنسيّة علة الضمّ ، فالنفوس البشرية الطاهرة النورانية تنضمّ إليها الأرواح الطاهرة النورانية من النفوس الكاملة المفارقة للأبدان الواقعين في عالم الملكوت مع الملائكة المبتدعة هنالك ، فيعينونها على أعمالها الّتي هي من باب الخيرات والمبرات.
__________________
(١) ـ سورة الأنعام ، الآية ١١٢.
(٢) ـ سورة الناس ، الآية ٤ ـ ٦.