وأغراضها ، كما مرّت الإشارة إليه في الغرائب الإنسانية.
وربما يتمثّلان لأهل هذا العلم ببعض صورهما ، ويلتبس على الرائي بالصور الحسية الظاهرة ، كما يتمثّلان بصورهما الموجودة في هذا العالم ، وقد ذكرنا فيما سلف بيان هذا الالتباس.
وأكثر ما يكون هذا في المواضع المظلمة ، والغارات ، والحمّامات الخالية ، والبوادي القفرة ، حيث يكون اشتغال النفس بالحواسّ الظاهرة قليلا ، وسلطنة الخيال قوية ، ولا سيّما النفوس الناقصة الواهنة الكاهنة.
ويشبه أن يكون تمثّلها لأمثال هذه النفوس ، كتمثّل الملائكة للنفوس الكاملة ، ووجودهما في عالم الغيب على أصناف ، خلقت ثمّة على سبيل الإبداع ، وصنف انتقلت إليه من هذا العالم بعد قطع تعلّقها عن الأبدان الطبيعية الجنّية ، أو الإنسية ؛ وذلك لأنّ الناقصة من النفوس الإنسانية تلتحق هناك بالجنّ ، والشريرة منها تلتحق بالشياطين ، كما أن الكاملة منها تلتحق بالملائكة.
يرشد إلى ذلك قول الله عزوجل : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) (١).
قال بعض الحكماء : إن النفوس المتجسدة الخيرة ملائكة بالقوة ، فإذا خرجت قوّتها إلى الفعل ، وفارقت أجسادها ، صارت ملائكة بالفعل ، وكذلك النفوس المتجسّدة الشريرة هي شياطين بالقوة ، فإذا فارقت أجسادها كانت شياطين بالفعل.
فهذه النفوس الشيطانية توسوس أهل الشيطنة بالقوّة لتخرجها من القوّة
__________________
(١) ـ سورة الأنعام ، الآية ١٢٨.