متن الأعيان ، تقدّما سرمديا انفكاكيا ، من اللوازم المقتضاة لخصوصيّة الحقيقة الوجوبية الذاتية ، الّتي هي بعينها الوجود المتأصّل في حاق متن الأعيان ، فاتّبع الحق ولا تكن من المعتدين.
هذا كلامه ـ سلّمه الله ـ في كتاب مبسوط ، ألّفه لهذا المطلب في نحو من عشرين ألف بيت ، وقد أبقرته بقرا حتّى أخرجت هذا من خاصرته ، وهو عماد ما ذكره فيه ، وسناده في الباب ، ولا أفهم منه بطوله ، بعد تسليم مقدّماته ، زيادة على الحدوث الذاتي والتأخّر المعلولي للعالم ، ما يشفي به العليل ، ويروي به الغليل ، ولعل غيري يفهم منه ذلك، والله المستعان.
فصل
إنّ ما توهّمه طائفة من الغاغة أنّ بين الباري الحقّ سبحانه ، وبين أوّل العالم ، عدما موهوما سيّالا أزليّا ، ممتدّا بتماديه الوهمي في جهة الأزل إلى لا نهاية ، ومنتهيا في جهة الأبد عند حدوث أوّل العالم ، فمن تكاذيب أوهامهم الظلمانية ، وتلاعيبها ؛ إذ لا يتصوّر في العدم الصريح الساذج ، والليس الصرف الباتّ ، حدّ وحدّ ، وتصرّم وتجدّد ، وفوات ولحوق ، وامتداد وانقضاء ، وتماد وسيلان ، ونهاية ولا نهاية.
على أنّه لو صحّ ذلك لكان هو الزمان بعينه ، أو الحركة بعينها ؛ إذ كان متكمّما سيّالا كلّه أزيد ـ لا محالة ـ من بعضه ، وأبعاضه متعاقبة غير مجتمعة ، وللزم أن يكون الباري سبحانه واقعا في حدّ بعينه من ذلك الامتداد العدمي ، تعالى عن ذلك. والعالم في حدّ آخر بخصوصه ، حتّى يصحّ تخلّل ذلك الامتداد الموهوم بينه سبحانه وبين العالم ، ويتصحّح تأخّر العالم وتخلّفه عنه في الوجود ،