الأعيان عين مرتبة ذاته ، ونفس سنخ ماهيته ، لزم أن يكون المجعول في مرتبة ذات الجاعل ومعه في متن الأعيان معيّة ذاتية ، بحسب مرتبة ذاته ، وباعتبار نفس ماهيته ، ولا يتصور لنفس ذات الجاعل ـ بما هي هي ـ مرتبة عقلية متقدّمة تقدما بالذات على ذات المجعول ووجوده أصلا ، أليس وجود الجاعل في متن الأعيان الّذي بحسبه المعية على هذا التقدير هو بعينه نفس مرتبة ذات الجاعل ، وصرف سنخ ماهيته ، وقوام بحت حقيقته بما هي هي ، فكيف يتصور ـ إذن ـ لذات الجاعل ونفس ماهيته مرتبة عقلية وراء مرتبة الحصول في متن الأعيان الذي هو ما يحسبه المعية؟
فإذن يلزم أن تكون مرتبته نفس ماهية الجاعل من حيث هي هي بعينها هي ما فيه ، وبحسبه معية الجاعل والمجعول بالسرمدية في حاق متن الأعيان ، كما مرتبة حصول الوجود في حاق متن الأعيان لذات المجعول مع مرتبة نفس ذات الجاعل الّتي هي بعينها مرتبة حصول الوجود لذات الجاعل في حاق متن الأعيان معية بالمرتبة الذاتية ، غير متأخّر عنها تأخّرا بالذات ، وتأخّرا بالمعلولية.
وأيضا يكون الممكن الذات الباطل في حدّ ذاته موجودا ثابتا في مرتبة ذات الواجب الحقّ من كلّ جهة ، وتسويغ ذلك كله إن هو إلّا الخروج عن فطرة العقل الصريح ، والحيود عن سمت سبيله ، وخرق إجماع كافة العقلاء ، وشقّ عصاهم ، وبالجملة إلّا التخلّع من الضريبة العقلانية ، والانسلاخ عن القريحة الإنسانية.
قال : فإذن قد استبان أن تقدّم الجاعل الواجب السرمدية بالذات على مجعوله الأوّل، وعلى العالم الكبير ، الّذي هو جملة مجعولاته بحسب الوجود في