الوارد ، فألقيت مطروحة على البساط ، فسريان لذّة القهر هو الّذي عبدهما ، ومشاهدة لطف الجلال هي الّتي سلبت أفئدتهما ، حتّى قالا قول الوامق ذي الحنين : (أَتَيْنا طائِعِينَ)(١).
فذلك من عميم اللطف شكر |
|
وهذا من رحيق الشوق سكر |
وظهر بما ذكرنا أيضا أنّ جميع الناس إنّما يعبدون الله بوجه ، حتّى عبدة الأصنام ، فإنهم يعبدونها لظنهم الإلهية فيها ، فهم أيضا يعبدون ما تصوّروه إله العالم بالحق ، إلّا أن كفرهم لأجل تصديقهم غير الله أنه هو الله ، فقد أصابوا في التصوّر ، وأخطأوا في التصديق ، فلا فرق بينهم وبين كثير من الإسلاميين من هذا الوجه.
ومن هنا قال الله جلّ جلاله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (٢).
وقال عزوجل : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (٣).
وقال : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (٤).
ومع هذا فأكثر الناس يعبدون غير الله ، كما قال سبحانه : (وَما يُؤْمِنُ
__________________
(١) ـ سورة فصلت ، الآية ١١.
(٢) ـ سورة الإسراء ، الآية ٢٣.
(٣) ـ سورة لقمان ، الآية ٢٥ ؛ وسورة الزمر ، الآية ٣٨.
(٤) ـ سورة الأنعام ، الآية ٤٠ و ٤١.