إلى الدرجة العليا ، وإمّا إلى المهبط الأدنى ، فيحشر إلى الله من جهة أخرى ، من غير تناسخ.
وسنتكلّم في عذابها عن قريب ، إن شاء الله.
وصل
وأمّا النفوس الحيوانية الّتي هي حسّاسة فقط ، وليست ذات تخيّل وحفظ بالفعل ، فهي عند موتها وفساد أجسادها ترجع إلى مدبّرها العقلي ، لكن لا يبقى امتيازها الشخصي، وكثرة هويّاتها المتعدّدة بتعدّد أجسادها ، بل صارت كلّها موجودة بوجود واحد ، متّصلة بعقلها ؛ لأنها بمنزلة أشعّة نيّر واحد ، انقسمت وتعدّدت بتعدّد الروازن الداخلة هي فيها ، فإذا بطلت الروازن زال التعدّد بينها ، ورجعت إلى وحدتها الّتي كانت عند المبدأ ، كرجوع الحواسّ الخمسة المتفرّقة في أعضاء البدن إلى الحسّ المشترك ، واتحادها به.
وكسائر القوى الحسّاسة وغيرها المتفرّقة في مواضع البدن ، المجتمعة عند النفس ، فإنّ اتحاد الفاعل يوجب اتّحاد الفعل ، وإنما يتعدّد الفعل بتعدّد القابل بالعرض ، فإذا فسدت القوابل رجع الفعل إلى وحدته الأصلية الّتي له من جهة الفاعل ، فكما أنّ الباقية بذاتها متميّزة في القيمة ، إنّما هي النفس ، وأمّا سائر قواها فهي باقية ببقائها ؛ لاتّصالها بها ، واتّحادها بوحدتها ، فكذلك النفوس الحيوانية الغير المستقلّة بذاتها ، ولا الشاعرة لذاتها ترجع عند ارتفاع تكثّرها ، الّذي لأجل تكثّر أجسادها إلى مبدئها وأصلها ، متّحدة به ، باقية ببقائه.