فصل
وأمّا النفوس النباتية الّتي ليس لها الترقّي إلى المرتبة الإنسانية ، ولا الحيوانية ، ممّا اقتصر في حركاته ومساعيه على تحصيل الكمال النباتي ، فمعادها عند فساد أجسادها إلى مقام أنزل ، وحشرها إلى مدبّر عقلي أدنى ، بالقياس إلى المدبّرات العقلية لأنواع الحيوانات.
قال أرسطا طاليس (١) في كتاب الربوبية : فإن قال قائل : إن كانت قوّة النفس تفارق الشجرة بعد قطع أصلها ، فأين تذهب تلك القوّة ، أو تلك النفس؟
قلنا : تصير إلى المكان الّذي لم تفارقه ، وهو العالم العقلي ، وكذا إذا فسد الجزء البهيمي تسلك النفس الّتي فيه إلى أن تأتي العالم العقلي ، وإنما تأتي ذلك العالم ؛ لأنّ ذلك العالم هو مكان النفس ، وهو العقل ، والعقل ليس في مكان ، فالنفس ـ إذن ـ ليست في مكان (٢).
فإن لم تكن في مكان فهي ـ لا محالة ـ فوق وأسفل ، وفي الكلّ ، من غير أن تنقسم وتتجزّأ تجزّأ الكلّ ، فالنفس في كلّ مكان ، وليست في مكان.
أراد في كلّ مكان الجسم الّذي هو فيه ، دون سائر الأجسام الّتي لا تعلّق لها بها.
قال أستاذنا ـ مدّ ظلّه ـ : إنّ النبات (٣) إذا قطع من أصله ، أو جفّ ، يسلك
__________________
(١) ـ تقدّمت ترجمته في هذا الكتاب ص؟؟؟؟.
(٢) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٩ / ٢٥٥ و ٢٥٦.
(٣) ـ في المصدر : صورة النبات.