عالم المعرفة والكشف واليقين ، وحشرت إليه (١).
وصل
ثم إذا رجعت هذه الأشياء إلى مقارّها الأصلية بعد خروجها عن عالم الحركات والاستحالات والشرور والآلام ، بالموت والفساد للأجسام ، والفزع والصعق للنفوس ، كما قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) (٢) ، تعطف عليها الرحمة الإلهية تارة أخرى بالحياة الّتي لا موت فيها ، والبقاء الّذي لا انقطاع له ، كما قال : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٣) ، قال : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) (٤) ، وتلك الأرض الأخروية هي صورة نفسانية ذات حياة وقبول للإشراقات العقلية الفائضة منه تعالى ، وهي هذه الأرض ، ولكن بعد أن تقبض ، فإنّها إذا صارت مقبوضة بأيدي سدنة الملائكة الجاذبة تصير صورة نفسانية قابلة لأن تجذبها وتقبضها أيدي الرحمن ، كما قال عزوجل : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (٥).
والفرق بين القبض والطيّ ، أن القبض يستدعي أن يكون للمقبوض وجود عند القابض ، أشرف من وجوده الّذي كان في تلك المرتبة ، كمادّة الغذاء إذا
__________________
(١) ـ الأسفار الأربعة : ٩ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.
(٢) ـ سورة الزمر ، الآية ٦٨.
(٣) ـ سورة الزمر ، الآية ٦٨.
(٤) ـ سورة الزمر ، الآية ٦٩.
(٥) ـ سورة الزمر ، الآية ٦٧.