شأنه إخراج النفوس من القوّة الهيولانية إلى العقل المستفاد بأمر الله ، وإيصال الأرواح إلى جوار الله ، وعالم الملكوت الأخروي ، وهم المرادون بالملائكة والرسل في قوله عزوجل : (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) (١) ، (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) (٢) ، (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) (٣).
وأمّا الإنسان ـ بما هو إنسان ـ فقابض روحه ملك الموت (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) (٤).
أما المرتبة العقلية فقابضها هو الله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) (٥) ، (يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٦) ، (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) (٧) ، ففي هذه التحويلات كانت كلّ مرتبة لاحقة أشرف من سابقتها ، ولم تكن للمنتقل من الحالة السابقة إلى اللاحقة حسرة وندامة على زوال النشأة الأولى ، بل إن كانت ففي أمر آخر.
والقابض للروح هو بعينه القابض لأجزاء البدن ، ولهذا اختلفت الروايات في ذلك أيضا.
ففي بعضها أنّ الجامع لأجزاء بدن آدم هم الملائكة ، وفي بعضها أنّ الآخذ لتراب قالبه هم رسل الله ، لتكون لهم الرسالة إلى عباده ، وفي بعضها أنّ ملك
__________________
(١) ـ سورة النساء ، الآية ٩٧.
(٢) ـ سورة الأنعام ، الآية ٩٣.
(٣) ـ سورة الأنعام ، الآية ٦١.
(٤) ـ سورة السجدة ، الآية ١١.
(٥) ـ سورة الأنفال ، الآية ٥٠.
(٦) ـ سورة آل عمران ، الآية ٥٥.
(٧) ـ سورة المجادلة ، الآية ١١.