الموت أخذ قبضة من التراب ، وفي بعضها أنّ الله سبحانه قبض بيده قبضة من أديم الأرض. فهذه الروايات محمولة على المراتب المذكورة (١).
وصل
قد ظهر من هذه البيانات ، وممّا أسلفنا من الأصول ، أنّ للموجودات في كلّ نفس موتا جديدا ، وبعثا منه ، وحشرا إلى ما بعده ، وأنّ عدد الموت والبعث والحشر كثير ، لا يحصى ، بل هي بعدد الأنفاس ، كما قيل.
وظهر ـ أيضا ـ أنّ الموت عبارة إمّا عن النقل من الدنيا إلى الآخرة ، وإما عن الانتقال من صورة إلى أخرى.
وعند التحقيق هو إسقاط إضافة الوجود الخاصّ إلى ماهيته ، وإذا أسقطت إضافة جميع الوجودات الخاصة إلى ماهياتها ، وشوهد الوجود الحقّ على صرافة وحدته ، قامت القيامة الكبرى ، وجاءت الطامّة العظمى (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٢) ، و (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (٣) ، (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤) ، إذ (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٥) ، فإنّ القهّار هو الّذي يقهر كلّ موجود غيره ، ويبقى هو وحده ، ولا شكّ أنه تعالى إذا ظهر من حيث هو هو لا يبقى للغير وجود ، ولا أثر ، (لَهُ الْحُكْمُ
__________________
(١) ـ لم نعثر على مصادرها.
(٢) ـ سورة إبراهيم ، الآية ٤٨.
(٣) ـ سورة الحج ، الآية ٥٦.
(٤) ـ سورة غافر ، الآية ١٦.
(٥) ـ سورة الرحمن ، الآية ٢٦ و ٢٧.