وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١).
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «وإنه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده ، لا شيء معه ، كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ، ولا مكان ، ولا حيّز ، ولا زمان ، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شيء إلّا الواحد القهّار ، الّذي إليه مصير جميع الأمور» (٢).
وصل
وأمّا الصور الجسمانية ، والهيولى ، والحركة ، والزمان ، ونحوها ممّا لا حظّ له من الوجود ، إلّا كونه استعداد وإمكانا لشيء آخر هو الصورة والكمال ، وممّا شأنه الانقسام والسيلان والاضمحلال لو لا النفوس والطبائع الممسكة إيّاه عن التفرّق والانفصال ، المعطية له الوحدة والاتّصال ، فلا حشر لها إلى النشأة الآخرة ، ودار القرار ؛ لعدم إمكان انتقالها من هذا العالم ، وإلّا لكان للّاقرار قرار ، وللعدم وجود ، وللتجدّد ثبات ، وللموت حياة ، فمآلها ـ لا محالة ـ إلى العدم والبطلان ، ومعادها إلى البوار والهلاك والفقدان.
وكذا الجسم المستحيل الكائن الفاسد ، من حيث هو هو ، فكما أن مبدأ هذه الأشياء أمور عدمية من باب الإمكان والقصور ، فكذا معادها ومرجعها إلى الزوال والبطلان ، فإنّ الغايات على نحو المبادىء ، وكما علمت هذا في الجسمانيات ، فقس عليه نظائره في النفسانيات ، فإنّ غاية الجبن والجهل
__________________
(١) ـ سورة القصص ، الآية ٧٠.
(٢) ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي : ١٣ / ٩٠.