مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (١).
وهذا الألم العقلي الكائن عن المضادات للحق ، هو بإزاء اللّذة والراحة الكائنة عن مقابلاتها ، وكما أنّ تلك أجلّ من كلّ إحساس بأمر ملائم ، فكذلك هذا أشدّ من كلّ إحساس ، بمناف حسّي ، من تفريق اتّصال بالنار ، أو تجميد بالزمهرير ، أو قطع بالمناشير ، أو غير ذلك ، أعاذنا الله وإخواننا منه.
فصل
ثم ليعلم أنّ الألم ، عقليا كان أو حسّيا ، لا بدّ وأن يزول يوما ، ويؤول إلى النعيم ، ولو بعد أحقاب ؛ لأنّ القسر لا يدوم ، والهيئات المضادة للحق غريبة عن جوهر النفس ، فكذا ما يلزمها.
قال الشيخ الأعرابي (٢) في فصوص الحكم : أمّا أهل النار فمآلهم إلى
__________________
(١) ـ سورة البقرة ، الآية ٨ ـ ١٠.
(٢) ـ هو : محمّد بن علي بن محمّد ، ابن العربي (٥٦٠ ـ ٦٣٨ ه) (١١٦٥ ـ ١٢٤٠ م) ، أبو بكر الحاتمي ، الطائي ، الأندلسي ، المعروف بمحيي الدين بن عربي ، الملقّب بالشيخ الأكبر ، فيلسوف ، من أئمّة المتكلّمين في كلّ علم. ولد في مرسية «بالاندلس» ، وانتقل إلى إشبيلية ، وقام برحلة ، فزار الشام ، وبلاد الروم ، والعراق ، والحجاز ، وأنكر عليه أهل الديار المصرية شطحات صدرت عنه ، فعمل بعضهم على إراقة دمه ، كما أريق دم الحلّاج وأشباهه ، وحبس ، فسعى في خلاصه علي بن فتح البجائي ـ من أهل بجاية ـ فنجا. واستقرّ في دمشق ، فتوفّي فيها ، وهو ـ كما يقول الذهبي ـ قدوة القائلين بوحدة الوجود. له نحو أربعمائة كتاب ورسالة ، منها : الفتوحات المكّية ، ومحاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار ، وديوان شعر أكثره في التصوّف ، وفصوص الحكم ، ومفاتيح الغيب ، والتعريفات ، وغيرها.
أنظر ترجمته في : الأعلام : ٦ : ٢٨١ ، وحاشية رد المحتار لابن عابدين : ٤ : ٤٢٣ ، ومعجم المؤلّفين : ١١ : ٤٠.