النعيم ، لكن في النار ، إذ لا بدّ لصورة النار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم (١).
وقال في موضع آخر منه : الثناء بصدق الوعد ، لا بصدق الوعيد ، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات ، فيثنى عليها بصدق الوعد ، لا بصدق الوعيد ، بل بالتجاوز (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) (٢) ، ولم يقل «ووعيده» ، بل قال : (وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) (٣) ، مع أنه توعد على ذلك. انتهى (٤).
ويصدّقه ما رواه شيخنا الصدوق في كتاب التوحيد ، عن مولانا الصادق عليهالسلام ، عن آبائه ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ، ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار» (٥).
وقال في الفتوحات : يدخل أهل الدارين فيهما ، السعداء بفضل الله ، وأهل النار بعدل الله ، وينزلون فيهما بالأعمال ، ويخلّدون فيهما بالنيّات ، فيأخذ الألم جزاء العقوبة موازيا لمدة العمر في التنزّل في الدنيا ، فإذا فرغ الأمد جعل لهم نعيم في الدار (٦) الّتي يخلّدون فيها ، بحيث إنهم لو دخلوا الجنّة تألّموا ؛ لعدم موافقة الطبع الّذي جبلوا عليه ، فهم يتلذّذون بما هم فيه من نار وزمهرير ، وما فيها من لدغ الحيّات والعقارب ، كما يلتذّ أهل الجنّة بالظلال والنور ، ولثم
__________________
(١) ـ فصوص الحكم : ١ : ١٦٩.
(٢) ـ سورة إبراهيم ، الآية ٤٧.
(٣) ـ سورة الأحقاف ، الآية ١٦.
(٤) ـ فصوص الحكم : ١ : ٩٣ و ٩٤.
(٥) ـ كتاب التوحيد : ٤٠٦ ، ح ٣.
(٦) ـ في المصدر : النار.