الظهور ، والآخر أبدي الخفاء ، ويماسّان الأفق في الدورة مرّة ، وإن زاد عليه ونقص عن تمامه كان أعلى ارتفاعات الشمس بقدره وتمام عرض البلد وأسفلها بقدر نقصانه عنه ، وظلّهم شماليا أبدا ، وإن ساوى تمامه كان غاية ارتفاع الشمس بقدر ضعفه ، وسامت قطب البروج رؤوسهم في الدورة مرة ، فتنطبق منطقة البروج على أفقهم ، ثمّ يرتفع نصفها عنه دفعة بميله عنه ، وينحط الآخر كذلك ، ثمّ يطلع الغارب ويغرب الطالع تدريجا ، ويتزايد النهار إلى أن يساوي الدورة ، والليل كذلك ، وبهذا تنتهي العمارة ، وإن زاد عليه ولم يبلغ تسعين فيميل قطب البروج إلى جنوب سمت الرأس بقدر تلك الزيادة ، ولا يغرب من منطقة البروج ما يزيد ميله الشمالي على تمام العرض ، ولا يطلع ما يزيد ميله الجنوبي عليه ، فتنقسم منطقة البروج أربعة أقسام ، فما منتصفه منقلب القطب الظاهري أبدي الظهور ، وما منتصفه منقلب القطب الخفي أبدي الخفاء ، وما منتصفه الاعتدال الربيعي يطلع منكوسا ، ويغرب مستويا ، وما منتصفه الاعتدال الخريفي بالعكس.
فصل
أنظر إلى عناية الله سبحانه ، وجوده ، ورحمته ، في كيفية خلق السماوات والأرض ، وحركاتها ، وأوضاعها ، حيث جعلها كما ترى وكما ينبغي ، فإنه لو كانت كلّها نيّرات لأفسدت بإحراقها موادّ الكائنات ، ولم تكن محلّ سكنى الحيوانات ، كما أشار إليه بقوله سبحانه : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا