مهينة بطالة قطعها وقتلها حتى لا تفسد عليهن بقية العمال ، وتعديهن ببطالتها ومهانتها.
وأول ما يبنى في الخلية مقعد الملك وبيته ، فيبني له بيتا مربعا يشبه السرير والتخت فيجلس عليه ، ويستدير حوله طائفة من النحل ، تشبه الأمراء والخدم والخواص ، لا يفارقنه ، ويجعل النحل بين يديه شيئا يشبه الحوض ، يصبّ فيه من العسل أصفى ما يقدر عليه ، ويملأ منه الحوض ، يكون ذلك طعاما للملك وخواصه ، ثم يأخذن في ابتناء البيوت على خطوط متساوية كأنها سكك ومحال ، وتبني بيوتها مسدسة متساوية الأضلاع ، كأنها قرأت كتاب أقليدس حتى عرفت أوفق الأشكال لبيوتها ، لأنّ المطلوب من بناء الدور هو الوثاقة والسعة. والشكل المسدّس دون سائر الأشكال إذا انضمت بعض أشكاله إلى بعض صار شكلا مستديرا كاستدارة الرحى ، ولا يبقى فيه فروج ولا خلل ، ويشد بعضه بعضا حتى يصير طبقا واحدا محكما ، لا يدخل بين بيوته رءوس الإبر ، فتبارك الذي ألهمها أن تبني بيوتها هذا البناء المحكم الذي يعجز البشر عن صنع مثله ، فعلمت أنها محتاجة إلى أن تبني بيوتها من أشكال موصوفة بصفتين :
إحداهما : أن لا تكون زواياها ضيقة ، حتى لا يبقى الموضع الضيق معطلا.
الثانية : أن تكون تلك البيوت مشكلة بأشكال إذا انضم بعضها إلى بعض ، وامتلأت العرصة منها ، فلا يبقى منها شيء (١) ضائعا ، ثم إنها علمت أن الشكل الموصوف بهاتين الصفتين هو المسدس فقط ، فإن المثلثات والمربعات ، وإن أمكن امتلاء العرصة منها إلا أنّ زواياها ضيقة ، وأما سائر
__________________
(١) غير موجودة في الأصل ، وهي لازمة للإعراب والسياق.