الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧)) [إبراهيم] وقال تعالى : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ (٣١)) [المدثر] وقال : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (٢٦)) [البقرة] وقال : (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)) [المائدة].
وأمر سبحانه عباده كلهم أن يسألوه هدايتهم الصراط المستقيم ، كلّ يوم وليلة ، في الصلوات الخمس ، وذلك يتضمن الهداية إلى الصراط والهداية فيه. كما أن الضلال نوعان ، ضلال عن الصراط ، فلا يهتدي إليه ، وضلال فيه. فالأول ضلال عن معرفته ، والثاني ضلال عن تفاصيله أو بعضها.
قال شيخنا : ولما كان العبد في كلّ حال مفتقرا إلى هذه الهداية ، في جميع ما يأتيه ويذره من أمور قد أتاها على غير الهداية ، فهو محتاج إلى التوبة منها ، وأمور هدي إلى أصلها دون تفصيلها ، أو هدي إليها من وجه دون وجه ، فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها ، ليزداد هدى ، وأمور هو محتاج إلى أن يحصل له من الهداية فيها ، في المستقبل ، مثل ما حصل له في الماضي ، وأمور هو خال عن اعتقاد فيها ، فهو محتاج إلى الهداية ، وأمور لم يفعلها ، فهو محتاج إلى فعلها على وجه الهداية ، إلى غير ذلك من أنواع الهدايات ، فرض الله عليه أن يسأله هذه الهداية في أفضل أحواله ، وهي الصلاة ، مرات متعددة في اليوم والليلة ، انتهى كلامه.
ولا يتم المقصود إلا بالهداية إلى الطريق والهداية فيها ، فإنّ العبد قد يهتدي إلى طريق قصده وتنزيله عن غيرها ، ولا يهتدي إلى تفاصيل سيره فيها وأوقات السير من غيره وزاد المسير وآفات الطريق.