وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨)) [النحل]. وهذا في القرآن.
فإن قيل : اللام في هذا كله لام العاقبة كقوله (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً (٨)) [القصص] وقوله : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا (٥٣)) [الأنعام] وقوله : (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ (٥٣)) [الحج] وقوله : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (٤٢)) [الأنفال] وقوله : (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣)) [الأنعام] فإن ما بعد اللام في هذا ليس هو الغاية المطلوبة ولكن لما كان الفعل منتهيا إليه ، وكان عاقبة الفعل ، دخلت عليه لام التعليل ، وهي في الحقيقة لام العاقبة ، فالجواب من وجهين :
أحدهما : إن لام العاقبة إنما تكون في حقّ من هو جاهل أو هو عاجز عن دفعها ، فالأول كقوله : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً (٨)) [القصص] والثاني : كقول الشاعر :
لدوا للموت وابنوا للخراب |
|
فكلكم يصير إلى ذهاب |
وأما من هو بكلّ شيء عليم ، وعلى كل شيء قدير ، فيستحيل في حقّه دخول هذه اللام ، وإنما اللام الواردة في أفعاله وأحكامه لام الحكمة والغاية المطلوبة.
الجواب الثاني : إفراد كل موضع من تلك المواضع بالجواب ، أما قوله (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً (٨)) [القصص] فهو تعليل لقضاء الله سبحانه بالتقاطه وتقديره له ، فإنّ التقاطهم له إنما كان بقضائه وقدره ، فهو سبحانه قدّر ذلك وقضى به ، ليكون لهم عدوا وحزنا ، وذكر فعلهم دون قضائه لأنه أبلغ في كونه حزنا لهم وحسرة عليهم ، فإنّ من اختار