باطلة ، وقد كفى مئونة إبطالها الرازيّ والآمدي في أكثر كتبهما وغيرهما ، وأما إثبات الحكمة ، فقد قام على صحته العقل والسمع والفطرة وسائر أنواع الأدلة ، مما تقدمت الإشارة إلى بعض ذلك ، فكيف يقدح في هذا المعلوم الصحيح بذلك النفي الذي لم يقم على صحته دليل البتة؟!.
الجواب الثامن : أن التسلسل إما أن يكون ممكنا ، أو ممتنعا ، فإن كان ممكنا ، بطل استدلالكم ، وإن كان ممتنعا ، أمكن أن يقال في دفعه : تنتهي المرادات إلى مراد لنفسه ، لا لغيره ، وينقطع التسلسل.
الجواب التاسع : أن يقال : ما المانع أن تكون الفاعلية معللة بعلة قديمة؟ قولكم : يلزم من قدمها قدم المعلول ، ينتقض عليكم بالإرادة ، فإنها قديمة ، ولم يلزم من قدمها قدم المراد.
فإن قلتم : الإرادة القديمة تعلقت بالمراد الحادث في وقت حدوثه ، واقتضت وجوده حينئذ ، فهلّا قلتم : إن الحكمة القديمة تعلقت بالمراد وقت حدوثه ، كما قلتم في الإرادة.
فإن قلتم : شأن الإرادة التخصيص ، قيل لكم : وكذلك الحكمة شأنها تخصيص الشيء بزمانه ومكانه وصفته ، فالتخصيص مصدره الحكمة والإرادة والعلم والقدرة ، فإن لزم من قدم الحكمة قدم الفعل ، لزم من قدم الإرادة قدمه ، وإن لم يلزم ذلك ، لم يلزم هذا.
الجواب العاشر : أن يقال : لو لم يكن فعله لحكمة وغاية مطلوبة ، لم يكن مريدا ، فإنّ المريد لا يعقل كونه مريدا إلا إذا كان يريد لغرض وحكمة ، فإذا انتفت الحكمة والغرض ، انتفت الإرادة ، ويلزم من انتفاء الإرادة أن يكون موجبا بالذات ، وهو علة تامة في الأزل لمعلوله ، فيلزم أن يقارنه جميع معلوله ، ولا يتأخر ، فيلزم من ذلك قدم الحوادث المشهودة ، وإنما