توسّط الشرط أو السبب أو المادة التي يحدث فيها ما يحدثه ، فليس بعبث توضيحه.
الجواب الثالث : أن حصول الأعراض والصفات التي يحدثها الله سبحانه في موادها شروط لحصول تلك المواد ، ولا يتصور وجودها بدونها ، فتوسطها أمر ضروري لا بد منه ، فينقلب عليكم دليلكم ، ونقول : هل يقدر سبحانه على إيجاد تلك الحوادث ، بدون توسّط موادها الحاملة لها ، أو لا يمكن؟ فإن قلتم : يمكن ذلك ، كان توسطها عبثا ، وإن قلتم : لا يقدر ، كان تعجيزا ، فإن قلتم : هذا فرض مستحيل ، والمحال ليس بشيء ، قيل : صدقتم ، وهذا جوابنا بعينه.
الجواب الرابع : أن يقال : إذا كان في خلق تلك الوسائط حكم أخرى ، تحصل بخلقها للفاعل ، وفي خلقها مصالح ومنافع لتلك الوسائط ، لم يكن توسطها عبثا ، ولم تكن الحكمة حاصلة بعدمها ، كما أنه سبحانه إذا جعل رزق بعض خلقه في البخارات مثلا ، فاقتضى ذلك أنّ تخليق الصانع إلى من يحتاج ، فينتفع هؤلاء بالصانع ، وهؤلاء باليمن ، كان في ذلك مصلحة هؤلاء وهؤلاء ، وإذا تأملت الوجود ، رأيته قائما بذلك شاهدا على منكري الحكمة.
فكم لله سبحانه في إحداث تلك الوسائط من حكم ومصالح ومنافع للعباد ، لو بطلت تلك الوسائط ، لفاتت تلك الحكم والمصالح.
الجواب الخامس : قولك : يلزم العبث ، وهو على الله محال ، فيقال : إن كان العبث عليه محالا ، لزم أن لا يفعل ، ولا يأمر إلا لمصلحة وحكمة ، فبطل قولك بقولك ، وإن لم يكن العبث عليه محالا ، بطلت هذه الحجة ، فيتحقق بطلانها على التقديرين.
الجواب السادس : أن يقال : ما المانع أن يفعل سبحانه أشياء معللة